من قصص الكرم [ الكاتب : الشاعر سلطان براك الغنامي - آخر الردود : الشاعر سلطان براك الغنامي - ]       »     ديوان الشاعر سلطان ب... [ الكاتب : الشاعر سلطان براك الغنامي - آخر الردود : الشاعر سلطان براك الغنامي - ]       »     نداء لأعضاء المنتدى ... [ الكاتب : أبو بتـــــال - آخر الردود : بناخي الكعاري - ]       »     الأجوبة المسكتة [ الكاتب : بناخي الكعاري - آخر الردود : بناخي الكعاري - ]       »     حكم لعن المعين [ الكاتب : بناخي الكعاري - آخر الردود : بناخي الكعاري - ]       »     ما هي نصيحتكم لأهل ا... [ الكاتب : بناخي الكعاري - آخر الردود : بناخي الكعاري - ]       »     رداً على لستُ سنياً،... [ الكاتب : بناخي الكعاري - آخر الردود : بناخي الكعاري - ]       »     حكم قول واسطتي الله [ الكاتب : بناخي الكعاري - آخر الردود : بناخي الكعاري - ]       »     الرد على مدعي الاستش... [ الكاتب : بناخي الكعاري - آخر الردود : بناخي الكعاري - ]       »     من فتاوى اللجنة الدا... [ الكاتب : بناخي الكعاري - آخر الردود : بناخي الكعاري - ]       »    

مرحبا بكم في منتدى قبيلة الغنانيم كلمة الإدارة

العودة   منتديات شبكة قبيلة الغنانيم الرسمية > الأقسام العامة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي فتاوى ، توحيد ، فقه ، مقالات إسلامية ،،،.

رد
قديم 12-27-2015, 09:40 AM
  #1
ساير بن فاضي الغنامي
 الصورة الرمزية ساير بن فاضي الغنامي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 208
معدل تقييم المستوى: 16
ساير بن فاضي الغنامي is on a distinguished road
افتراضي لاتفوتكم هذه الرسالة : المورد العذب الزلال في نقض شبه أهل الضلال


المؤلف : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مُعز الإسلام بنصره، ومُذل الشرك بقهره، ومُصرف الأمور بأمره، ومُستدرج العاصين بمكره، الذي أظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يمانع، الظاهر على خلقه فلا ينازع، الحكيم فيما يريد فلا يدافع.
أحمده على إعزازه لأوليائه، ونصرته لأنصاره، وخفضه لأعدائه، حمد من استشعر الحمد باطن سره، وظاهر جهاره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، شهادة من طهر بالتوحيد قلبه، وأرضي بالمعاداة فيه والموالاة ربه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله رافع الشك وخافض الشرك، وقامع الكذب والإفك.
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا، وبعد:
فاعلم أيها الطالب للسلامة، الساعي في أسباب تحصيل الفوز والكرامة، أني وقفت على رسالة لمن لم يُسمِّ نفسه، مُشعرة بأنه من بلاد الخارج، متضمنة لأنواع من الكذب والمرج، جامعة لأمور من الباطل لا يسع مسلمًا السكوت عليها، خشية أن يفتن بها بعض الجاهلين فيعتمد عليها، فإن كل عصر لا يخلو من قائل بلا علم، ومتكلم بغير إصابة ولا فهم، وقد جعل الله في كل زمان فترة بقايا من أهل العلم، كما قال الإمام أحمد رحمه الله في كتابه الرد على الجهمية: «الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل، بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويبصرون بدين الله أهل العمى، ويحيون بكتاب الله الموتى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وتائه ضال قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، وقد عنَّ لي الجواب، لتمييز الخطأ من الصواب، فلا بد من ذكر مقدمة نافعة لتكون هي المقصود بالذات رجاء أن تكون سببًا موصلاً إلى رضوان الله، يستبصر بها طالب الهدى من عباد الله، وذلك بتوفيق الله الذي لا إله سواه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اعلم أيها المنصف أن دين الله القويم، وصراطه المستقيم، إنما يتبين بمعرفة أمور ثلاثة عليها مدار دين الإسلام، وبها يتم العمل بأدلة الشريعة والأحكام، ومتى اختلت وتلاشت وقع الخلل في ذلك النظام.
الأول: أن تعلم أن أصل دين الإسلام وأساسه، وعماد الإيمان ورأسه، هو توحيد الله تعالى الذي بعث به المرسلين، وأنزل به كتابه الحكيم المبين.
قال تعالى: الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ [هود: 1، 2].
وهذا هو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله.
فإن أصل دين الإسلام ألا يُعبد إلا الله، وألا يُعبد إلا بما شرع، لا بالأهواء والبدع.
وقد قال شيخنا رحمه الله إمام الدعوة الإسلامية، والداعي إلى الملة الحنيفية:
أصل دين الإسلام وقاعدته أمران:
* الأمر بعبادة الله والتحريض على ذلك والموالاة فيه، وتكفير من تركه والنهي عن الشرك في عبادة الله والتغليظ فيه، والمعاداة فيه وتكفير من فعله. والمخالف في ذلك أنواع ذكرها رحمه الله. وهذا التوحيد له أركان ومقتضيات وفرائض ولوازم، لا يحصل الإسلام الحقيقي على الكمال والتمام إلا بالقيام بها علمًا وعملاً، وله نواقض ومبطلات تنافي ذلك التوحيد. فمن أعظمها أمور ثلاثة:
الأول: الشرك بالله في عبادته، كدعوة غير الله ورجائه والاستعانة به والاستغاثة والتوكل، ونحو ذلك من أنواع العبادة. فمن صرف منها شيئًا لغير الله كفر ولم يصح له عمل. وهذا الشرك هو أعظم محبطات الأعمال، كما قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام: 88].
وقوله: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر: 65، 66]. ففي هذه الآية نفى للشرك وتغليظه والأمر بعبادة الله وحده. ومعنى قوله: بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ [الزمر: 66] أي لا غيره، فإن تقديم المعمول يفيد الحصر عند العلماء.
الأمر الثاني: انشراح الصدر لمن أشرك بالله، وموادة أعداء الله، كما قال تعالى: وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل: 106] الآية. إلى قوله: وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [النحل: 107]. فمن فعل ذلك فقد أبطل توحيده، ولو لم يفعل الشرك بنفسه. قال الله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ الآية [المجادلة: 22].
قال شيخ الإسلام: أخبر سبحانه أنه لا يوجد مؤمن يوادُّ كافرا، فمن واده فليس بمؤمن. قال: والمشابهة مظنة الموادة فتكون محرمة.
وقال العماد بن كثير رحمه الله في تفسيره: قيل نزلت في أبي عبيدة حين قتل أباه يوم بدر، أو أَبْنَاءَهُمْ في الصديق يومئذ هم بقتل ابنه عبد الرحمن، أو إِخْوَانَهُمْ في مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير، أو عَشِيرَتَهُمْ في عمر قتل قريبًا له يومئذ أيضًا، وحمزة وعلي وعبيدة ابن الحارث قتلوا عتبة وشيبة والوليد بن عتبة يومئذ. قال: وفي قوله: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة: 110] سر بديع، وهو أنهم لما سخطوا على القرايب والعشاير في الله، عوضهم الله بالرضا عنهم ورضاهم عنه بما أعطاهم من النعيم المقيم والفوز العظيم والفضل العميم.
ونوه بفلاحهم وسعادتهم ونصرتهم في الدنيا والآخرة، في مقابلة ما ذكر عن أولئك من أنهم حزب الشيطان أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ [المجادلة: 19]. قلت: هم الذين والوا أهل الضلال وسخطوا على أهل الإيمان.
والأمر الثالث: موالاة المشرك والركون إليه ونصرته وإعانته باليد أو اللسان أو المال، كما قال تعالى: فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ [القصص: 86]، وقال: إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الممتحنة: 9].
وهذا خطاب الله تعالى للمؤمنين من هذه الأمة، فانظر أيها السامع أين تقع من هذا الخطاب وحكم هذه الآيات.
ولما أعانت قريش بني بكر على خزاعة سرًّا وقد دخلوا في صلح رسول الله ، انتقض عهدهم وغضب رسول الله  لذلك غضبًا لله وتجهز لحربهم ولم ينبذ عليهم. ولما كتب حاطب كتابا يخبرهم بذلك إخبارًا أنزل الله تعالى في ذلك هذه السورة، ابتدأها بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ [الممتحنة: 1] إلى قوله: وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ [الممتحنة: 1].
ثم أمر تعالى بالتأسي بخليله  وإخوانه من المرسلين بالعمل بدينه الذي بعثهم به، فقال: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ [الممتحنة: 4] أي من إخوانه من المرسلين إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة: 4]. فذكر خمسة لا يقوم التوحيد إلا بها علمًا وعملا.
وعند القيام بهذه الخمس ميَّز الله الناس لما ابتلاهم بعدوهم، كما قال تعالى: الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت: 1-3].
وحذر الله تعالى عباده عن تولهم عدوهم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة: 57].
وقال تعالى: بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا الآية [النساء: 138، 139].
وقال تعالى: تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [المائدة: 80، 81].
فتأمل ما في هذه الآيات، وما رتب الله سبحانه وتعالى على هذا العمل من سخطه والخلود في عذابه وسلب الإيمان وغير ذلك. قال شيخ الإسلام في معنى قوله: وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ الآية [المائدة: 81]. فثبوت ولايتهم توجب عدم الإيمان، وقال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى [محمد: 25] إلى قوله: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ [محمد: 26].
والسين حرف تنفيس تفيد استقبال الفعل، فدل على أنهم وعدوهم ذلك سرًا بدليل قوله تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد: 26-28].
والآيات في هذا المعنى كثيرة، والمقصود بيان عظم هذا الذنب عند الله وما رتب عليه من العقوبات عاجلاً وآجلاً نسأل الله الثبات على الإسلام والإيمان، ونعوذ بالله من الخيبة والخذلان.
وقد ذكر شيخنا رحمه الله في مختصر السيرة له عن سيرة الواقدي، أن خالد بن الوليد لما قدم العرض قدَّم مائتي فراس فأخذوا نجاعة بن مرارة في ثلاثة عشر رجلاً من قومه بني حنيفة، فقال لهم خالد بن الوليد، ما تقولون في صاحبكم؟ فشهدوا أنه رسول الله. فضرب أعناقهم حتى إذا بقي سارية بن عامر قال: يا خالد إن كنت تريد بأهل اليمامة خيرًا أو شر فاستبق نجاعة. وكان شريفًا فلم يقتله. وترك سارية أيضًا فأمر بهما فأوثقا في مجامع من حديد، فكان يدعو نجاعة وهو كذلك فيتحدث معه وهو يظن أن خالدًا يقتله، فقال:
- يا بن المغيرة، إن لي إسلامًا والله ما كفرت.
فقال خالد: بين القتل والترك منزلة وهي الحبس حتى يقضي الله في أمرنا ما هو قاض. ودفعه إلى أم متمم زوجته وأمرها أن تحسن إساره.
فظن نجاعة أن خالدًا يريد حبسه ليخبره عن عدوه، وقال: يا خالد لقد علمت أني قدمت على رسول الله  فبايعته على الإسلام، وأنا اليوم ما كنت عليه بالأمس، فإن يك كذابًا قد خرج فينا فإن الله يقول: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء: 15].
فقال: يا نجاعة، تركت اليوم ما كنت عليه، وكان رضاك بأمر هذا الكذاب وسكوتك عنه – وأنت من أعز أهل اليمامة – إقرارًا له ورضاء بما جاء به. فهل أبديت عذرًا فتكلمت فيمن تكلم. فقد تكلم ثمامة فرد وأنكر، وتكلم اليشكري فإن قلت أخاف قومي فهلا عمدت إلي أو بعثت رسولا!.
فتأمل كيف جعل خالد سكوت نجاعة رضاء بما جاء به مسيلمة وإقرارًا، فأين هو ممن أظهر الرضا وظاهر وأعان وجد وشمر مع أولئك الذين أشركوا مع الله في عبادته وأفسدوا في الأرض، فالله المستعان.
* الأمر الثاني: من الأمور التي لا يصلح الإسلام إلا بها العمل بشرائعه وأحكامه، وبالقيام بذلك يقوم الدين وتستقيم الأعمال، كما قال تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا الآية [النساء: 66].
وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 58، 59].
وقال تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ الآية [الشورى: 10].
وقال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا [الأحزاب: 36].
وقال تعالى: وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ [النور: 48-50].
وقال تعالى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [القصص: 50].
وقال تعالى: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان: 43، 44].
وفي هذا المعنى قال أبو تمام شعرًا:
وعبادة الأهواء في تطويحها

بالدين مثل عبادة الأوثان

وهذا هو الغالب على كثير من الناس رد الحق لمخالفة الهوى ومعاوضة بالآراء، وهذا من نقص الدين وضعف الإيمان واليقين.
* الأمر الثالث: وهو تخصيص من عموم ما قبله. أداء الأمانات، واجتناب المحرمات والشهوات، والجد في أداء الفرائض والواجبات والعبادات، والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله. وقد وقع الخلل العظيم في ذلك كما قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا الآية [مريم: 59].
وبذلك وقعت الغفلة والإعراض عن كتاب الله تعالى، واشتغل أكثر الناس بدنياهم عن طاعة مولاهم، وزهدوا في كل ما يعود نفعه إليهم في دنياهم وأخراهم مما يوجب رضا ربهم ومولاهم، كما قال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ الآية [الكهف: 57].
فيجب على من نصح نفسه ممن جعل الله له القدرة والسلطان ونفوذ الكلمة أن يهتم بحفظ هذه الثغور الثلاثة، فإنها ثغور الإسلام، وقد سعى في نقضها من ليس له فيه رغبة.
ومن أسباب حفظها الإخلاص لله، والصدق والملجأ إليه، وتعظيم أمره ونهيه، والتوكل عليه، وتمييز الخبيث من الطيب، فإن الله تعالى ميزهم لعباده لما ابتلاهم. فعليك ببغض أعداء الله والاهتمام بما يرضيه، ومحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه، وخشيته ومراقبته فإنه أوثق عرى الإيمان، والله المستعان.
* * *
فصل
في الإشارة على ما تضمنته لا إله إلا الله من نفس الشرك وإبطاله، وتجريد التوحيد لله تعالى، والإشارة إلى بعض ما تنقض به عرى الدين
والباعث على ذلك ما بلغني عن رجل كان قبل طروق الفتن يغلو في التكفير ويكفر بأشياء لم يكفر بها أحد من أهل العلم، ثم إنه قال بعد ذلك لما غرق في الفتن – أعاذنا الله من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن -: من قال لا إله إلا الله فهو المسلم المعصوم، وإن قال من قال.
فأقول وبالله التوفيق:
اعلم أن لا إله إلا الله كلمة سلام، ومفتاح دار السلام، وقد سماها الله كلمة التقوى والعروة الوثقى، وهي كلمة الإخلاص التي جعلها إبراهيم  باقية في عقبة، ومضمونها نفي الإلهية عما سوى الله، وإخلاص العبادة بجميع أفرادها لله وحده، كما قال تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ [الزخرف: 26، 27].
وقال عن يوسف : وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ [يوسف: 38] إلى قوله: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [يوسف: 39].
وقال تعالى: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ [الأنعام: 14] وقال: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ [الأنعام: 164].
وقال: أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا [الأنعام: 114].
وقال: قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ [الرعد: 36].
والقرآن من أوله إلى آخره يقرر أن دين الله الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه هو إخلاص العبادة بجميع أنواعها لله وحده دون كل ما سواه، والبراءة من الشرك وأهله وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ [الأنفال: 39] أي شرك، وهذا لا يخفى على من له أدنى بصيرة، فهذا هو مدلول لا إله إلا الله. وقد عرف ذلك كفار قريش فما انقادوا له، فإنهم لما دعاهم رسول الله  إلى أن يقولوا لا إله إلا الله قالوا: أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ [ص: 6].
وقد تفاوت الناس في هذا التوحيد الذي هو معنى لا إله إلا الله فهمًا وعلمًا واعتقادًا وعملاً أعظم تفاوت، فمنهم من يقولها عن علم ويقين صادقًا مخلصًا من قلبه، وأدى حقوقها وعمل بمقتضاها من المعاداة لأهل الشرك بالله والموالاة لأهل التوحيد متقدمهم ومتأخرهم، واستقام على ذلك ولم يأت بما يبطلها. وهؤلاء هم المسلمون المؤمنون الذي لم يخلطوا إيمانهم بشرك، فأدوا شكر ما أنعم الله به عليهم بالإخلاص له والبراءة من كل دين يخالف ذلك، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا الآية [الأحقاف: 13]. والمراد الربوبية الخالصة، وهي أن يتخذوا خالقهم ومالكهم والمتصرف فيهم معبودًا دون كل ما سواه. أخرج ابن جرير بسنده عن أنس بن مالك أن رسول الله  قرأ: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا [الأحقاف: 13] قال: «قد قالها الناس ثم كفر أكثرهم».
ومنهم من يقول لا إله إلا الله ولا عرف مدلولها من النفس والإثبات فيثبت بفعله ما دلت هذه الكلمة العظيمة على نفيه بإشراكه بالله ثم الإلهية، وينفي ما دلت على إثباته من إفراده الرب تعالى الإلهية وينكر ذلك، ويعادي من دعا إلى التوحيد وعرف به، وذلك من فرط جهله بمعنى ما يقول كما هو الغالب على أكثر من يقول لا إله إلا الله، فإذا قال الموحد: لا تجوز العبادة إلا لله تعالى فلا يدعى إلا الله ولا يرجى ولا يتوكل إلا عليه، وأمثال ذلك من أنواع العبادة، أنكرته قلوبهم وألسنتهم.
قال النووي في شرح حديث سعد في شأن الرجل الذي قال فيه سعد لرسول الله : ما لك عن فلان إني لأراه مؤمنًا؟ قال: أو مسلمًا. قال: وفيه دلالة لمذهب أهل الحق في قولهم إن الإقرار باللسان لا ينفع إلا إذا اقترن به الاعتقاد بالقلب خلافًا للكرامية وغلاة المرجئة في قلوهم يكفي الإقرار. وهذا خطأ ظاهر يرده إجماع المسلمين والنصوص في إكفار المنافقين وهذا صفتهم. انتهى.
قلت: فإذا دان المرء بالشرك بالله وأنكر التوحيد فهذا أعدل شاهد على أنه ليس في قلبه من الإيمان شيء، كما قال تعالى: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر: 45] وأمثال ذلك من الآيات.
فليتأمل الناصح لنفسه ما قرره الله تعالى في كتابه من أدلة التوحيد كقوله: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم: 30-32].
ومنهم المنافقون وقد كانوا مع المسلمين يقولون لا إله إلا الله ويشهدون أن محمدًا رسول الله، ويصلون ويزكون ويصومون ويجاهدون مع المسلمين ولم يظاهروا عليهم عدوًا، ومع هذا وغيره أكذبهم الله لما جاءوا رسوله وقالوا: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ [المنافقون: 1] فأكدوا شهادتهم بالمؤكدات إن واللام، فقال الله عز وجل: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ [المنافقون: 1-3].
ووجه الدلالة من هذه الآيات أن شهادتهم وأعمالهم لم تنفعهم مع قيام المنافي لذلك، فإنهم قام بهم من الجهل والشك والريب وغير ذلك ما صروا به كفارًا في الدرك الأسفل من النار، ومن صفاتهم ما ذكر الله في سورة البقرة: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة: 10] – إلى قوله – وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ الآية [البقرة: 14].
وقال في سورة النساء: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ الآية [النساء: 143].
وقال تعالى: يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح: 11]. وقال: يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة: 8].
والمقصود من القول، لا ينفع إلا مع علم القلب وإيمانه ويقينه، والأعمال تصدق ذلك إذا كانت على مقتضى الإيمان، وأما مع الإتيان بالمنافي فإنه أعدل شاهد على كذب ذلك القول، إذ لو كان صدقًا لعمل بمدلول ذلك. ومدلول اللفظ هو المعنى المطابق للدال وهو اللفظ، وكل قول يستعمل دال ومدلوله المعنى الذي وضع ذلك اللفظ للدلالة عليه، إذا عرف ذلك فإن منهم من يقول لا إله إلا الله عارفًا بمدلولها لكن قد يعرض له ما يمنعه من الاستقامة على العلم، كما قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ [العنكبوت: 10، 11].
فتأمل ما ذكره المفسرون في معنى هذه الآيات – وكان يمنعني من سياق كلامهم وجوده وشهرته مع أن قصدي الاختصار.
ولما توفي رسول الله  وكفر من كفر من العرب ولم يتركوا قول لا إله إلا الله، ومنهم بنو حنيفة كفروا بتصديق مسيلمة في كذبه، وقصة عمر مع أبي بكر مشهورة في الصحاح والسنة والمسانيد. وتأمل قول الله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة: 65، 66].
وسبب نزولها وفيمن نزلت مشهور في كتب التفسير والحديث.
وكان أولئك النفر مع رسول الله  في غزوة تبوك يصلون وينفقون ويجاهدون فكفرهم الله تعالى بما قالوه، وكذلك قوله تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ الآية [التوبة: 74].
وسبب نزولها ومن نزلت فيهم معروف لا يحتاج إلى أن نذكره.
وقوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة: 75-77] فليتق الله المرء في نفسه ويخاف من عقوبات الذنوب.
وكذلك قول الله تعالى عن أهل مسجد الضرار: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ [التوبة: 107].
وهو أبو عامر الفاسق. وهؤلاء ومن قبلهم يقولون لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وفي الظاهر هم كانوا في عداد الأنصار قبل أن يظهر الله ما أسروه من الكفر، وقال الله في شأنهم: لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ [التوبة: 110] أي بالموت. والكتاب والسنة مملوءان بمثل هذه الأدلة وفيما ذكرناه كفاية للمسترشدين، وبالله التوفيق.
أيظن من وقع منه مثل ما وقع من أولئك أنه يسلم من هذه العقوبات، وليس معه براءة من الله، وهو يعلم أن ما كلف به أولئك كلف به من بعدهم، وما عوقبوا به عوقب به من بعدهم إذا عمل بأعمالهم ونسج على منوالهم؟ نسأل الله الثبات في الدين واتباع سبيل المؤمنين. ومن تدبر القرآن مسترشدًا مصيخًا مصغيًا علم أن الرسل إنما بعثوا إلى الناس بالدعوة إلى أن يعملوا بالتوحيد، ويؤدوا ما افترض الله عليهم، ويجتنبوا ما نهاهم عنه من عبادة ما سواه، ويخلصوا أعمالهم لله وحده.
والقرآن العظيم من أوله إلى آخره يقرر هذا التوحيد وينهى عن الشرك بالله في عبادته التي لا يصلح أن يتعبد بها غيره. فانظر واستمع تجده يقرر الإخلاص وشرائعه، وينفي الشرك وتوابعه بأوضح بيان. وكذلك الأحاديث والسير ترشد إلى ذلك وتقرره على أكمل الوجوه وأحسن البيان، لكن لما اشتدت غربة الدين بعموم المفسدين وقع الريب والشك بعد الإيمان وانتقض أكثر عرى الإسلام بانقراض عصر الأئمة الأعلام، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : «إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية».
ومما انتقض من عراه لحب في الله والبغض في الله والمعاداة والموالاة لله وفي الله، كما جاء في الحديث الصحيح: «إن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله»، وأنت ترى حال الكثير حبه لهواه وبغضه لهواه، ولا يسكن إلا لمن يلائمه في طبعه وهواه، وأن غره وأغراه، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والحاصل أن كل قول وعمل يحبه الله ويرضاه فهو من مدلول لا إله إلا الله، إما مطابقة وإما تضمنا وإما التزامًا، يقرر ذلك أن الله سماها كلمة التقوى، والتقوى أن يتقي العبد سخط الله وعقابه وعذابه بترك الشرك والبراءة منه ومن أهله، وإخلاص العبادة لله تعالى وامتثال ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه، متبعًا في ذلك كله ما شرعه الله ورسوله. وقد عرفها السلف . قال مطلق بن حبيب: «التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله».
وأخرج الترمذي وابن ماجه بالإسناد عن عبد الله بن يزيد عن النبي ، قال: «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرًا مما به البأس». قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قوله: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا [الأحقاف: 13]، قال أبو بكر الصديق: فلم يلتفتوا عنه يمنة ولا يسرة، أي لم يلتفتوا بقلوبهم إلى ما سواه بالحب ولا بالخوف ولا بالرجاء ولا بالتوكل عليه بل لا يحبون إلا الله ولا يحبون إلا له.
وقال شيخنا شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: سألني الشريف عما نقاتل عليه وما نكفر به؟ فقال في الجواب: إنا لا نقاتل إلا على ما أجمع عليه العلماء كلهم، وهو الشهادتان بعد التعريف إذا عرف ثم أنكر، فنقول: أعداؤنا معنا على أنواع:
الأول: من عرف من التوحيد دين الله ورسوله، وأن هذه الاعتقادات في الحجر والشجر والبشر الذي هو دين غالب الناس أنه الشرك الذي بعث الله رسوله بالنهي عنه، وقاتل أهله ليكون الدين كله لله، ولا يلتفت إلى التوحيد ولا يعلمه ولا دخل فيه ولا ترك الشرك فهذا كافر نقاتله، لأنه عرف دين الرسول فلم يتبعه، وعرف دين المشركين فلم يتركه، مع أنه لم يبغض دين الرسول ولا من دخل فيه ولا يمدح الشرك ولا يزينه.
الأمر الثاني: من عرف ذلك ولكن تبين في سب دين الرسول مع ادعائه أنه عامل به، وتبين في مدح من عبد يوسف والأشقر وأبو علي والخضر وفضلهم على من وحَّد الله وترك الشرك، فهذا أعظم كفرًا من الأول، وفيه قوله تعالى: فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ. الآية [البقرة: 89]، وعمن قال الله فيهم: وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ الآية [التوبة: 12].
الثالث: من عرف التوحيد وأحبه واتبعه، وعرف الشكر وتركه، ولكن يكره من دخل في التوحيد ويحب من بقي على الشرك، فهذا أيضًا كافر، وفيه قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد: 9].
النوع الرابع: من سلم من هذا كله ولكن أهل بلده يصرخون بعداوة التوحيد واتباع أهل الشرك ويسعون في قتالهم، وعذره أن ترك وطنه يشق عليه، فيقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده ويجاهد بماله ونفسه، فهذا أيضًا كافر، فإنهم لو أمروه بترك صيام رمضان ولا يمكنه ذلك إلا بفراق وطنه فعل، ولو أمروه أن يتزوج امرأة أبيه ولا يمكنه مخالفتهم إلا بذلك فعل، وأما موافقتهم على الجهاد بماله ونفسه مع أنهم يريدون قطع دين الله ورسوله  فأكبر ما ذكرنا بكثير، فهذا كافر ممن قال الله فيهم: سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ الآية [النساء: 91]، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
فصل
وهذا شروع في الجواب المشار إليه سابقًا وقد كنت عزمت على أن أتتبع كلامه وأجيب عنه تفصيلاً، ثم إنه عرض لي ما يجب أن يكون هو المقصود بالذات مما قدمته حماية لجانب التوحيد والشريعة، ثم بدا لي أن أقتصر في جواب الرجل لما في الاقتصار من رعاية الصبر والاصطبار لأنا لو أجبناه بكل ما يليق في الجواب لم نسلم من أمثاله ممن نسج على منواله، كما هو الواقع من أكثر البشر قديمًا وحديثًا مع كل من قام بالحق ونطق بالصدق. فكل من كان أقوم في دين الله كان أذى الناس إليه أسرع، والعداوة له أشد وأفظع، وأفضل خلق الله رسله وقد عالجوا من الناس أشد الأذى حكمة بالغة. قال الله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا [الفرقان: 31] والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة جدًا ينبيك عن تفصيل هذا ما ذكره الله في كتابه في أنبيائه لما دعوا أممهم إلى التوحيد كيف قيل لهم وما خوطبوا به، وتأمل ما جرى لخيار هذه الأمة كالخلفاء الراشدين وسادات أصحاب سيد المرسلين من أعدائهم كالروافض والخوارج ونحوهم، وما جرى لأعيان التابعين ومن بعدهم من أعيان الأئمة كالإمام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح وأحمد بن نصر الخزاعي وأمثال هؤلاء ممن لا يمكن حصرهم، ولو ذكرنا جنس ما جرى لهؤلاء من الأذى لطال الجواب، والقص الاقتصار، ومن أراد الوقوف على ذلك فعليه بالسير والتاريخ ولله در أبي تمام حيث يقول شعرًا:
وإذا أراد الله نشر فضيلة

طويت أتاح لها لسان حسود

وقال أبو الطيب شعرًا:
وثبات صدقك عند الناس كذبهم

وهل يطابق معوج بمعتدل

إذ علمت ذلك فإن هذا الرجل ذكر عن الشيخ عبد الرحمن بن حسين أنه لا يصلي بهم، ولا يقدم من يهدونه، ولا يقطع خصومة، وعدوه من نظر في كتاب، أو نطق بصواب.
هذا كلام فيه عد هذه الأمور من المثالب، والبصير إذا تأمل رآها من المناقب لأن المسلم لا يجوز أن يحمل إلا على الخير فيما خفي عذره فيه حتى يتبين ما يدفع الاحتمال. وهذه العيوب الخمسة محتملة لأمور:
الأول: منها يحتمل أنه فعله تأثمًا من الصلاة بالناس لعذر خفي عليهم أوجب ذلك.
وأما الثاني: فيحتمل أنه إنما فعله نصحًا لهم وطلبًا للسلامة من تبعة ذلك، ولا يخفي أن نظره لهم خير من نظرهم لأنفسهم، فإن جهال العامة لا يهتدون غالبًا إلى ما يصلح دينهم.
وأما الثالث: ففيه التثبت في الفتيا، فإن الإفتاء في دين الله بلا علم حرام، فلابد للمفتي والقاضي من التأمل والمراجعة، وإلا أصيبت مقاتله، والعامة لا يعجبهم ذلك، والعالم عندهم من يبادرهم بالحكم والإفتاء من غير تأن ولا مراجعة، وهذا من فرط جهلهم وعدم علمهم كما يتبين من حال هذا المعترض.
وأما الرابع والخامس: ففيه حماية جانب العلم وصيانته عن مثل هؤلاء الجهال الذين لا يعلمون، ولا يعلمون أنهم لا يعلمون، فإن صيانة العلم عن تخبيط الجاهلين أمر لابد منه.
فانظر كيف وقع من أمثالهم ممن تتبع الرخص، أعاذنا الله من ذلك، وما أحسن ما قال بعض العلماء رحمه الله:
العلم قال الله قال رسوله

قال الصحابة ليس خلف فيه

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة

بين الرسول ورأى كل فقيه

وهذا الضرب من الناس أفسدوا بدعواهم العلم على كثير من العامة دينهم، لما قلدوهم لهواهم وأحسنوا بهم الظن وفقًا لدنياهم، فتأمل تجد ما ذكرته واقعًا – ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فلفرط عداوة هذا الرجل عد هذه الأمور الخمسة من المثالب، وهي كما ترى صالحة لأن تعد من المناقب. كما قيل إذا كان من فيهم قليل حظ فما حسناته إلا ذنوب. ثم إنه أخذ يحذر الإمام من أولاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأنه لا يجوز له أن يصغى إليهم ولا يأخذ منهم ولا يلين لهم جانبه إلى غير ذلك، ويحلف جهد يمينه أن الحامل له على ذلك هذا القول محض النصيحة بلا عدل.
فأقول: يكفيك دليلاً على كذب هذا وغشه وسخافة عقله وقلة دينه وكثرة جهله، ما عبر به في هذا القيل، أما كان يعرف ما عليه المسلمون وما كانوا ينصحون به الإمام، فإن كل من يعرف بإسلام حسن يوصيه بضد هذا، ولا ريب عندهم أن هذا كلام لا يقوله إلا رجل سوء، فسل من شئت من غير أهل الفساد وكل إناء بالذي فيه ينضح، وفيما قص الله عن أنبيائه تسلية لعبده المسلم إذا كان له أعداء، كما قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا [الفرقان: 31].
فيؤخذ من هذا أن من قال الحق ودعا إليه فلابد أن يتصدى له من يوقع الأذى عليه، وما ذاك إلا لصعوبة الحق على النفوس ومخالفته الأهواء، وإيثار الشهوات على التقوى، نسأل الله الثبات على الإيمان والعفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
ولقد أحسن من قال في مثل هذه الحال شعرًا:
يقضى على المرء في أيام محنته

حتى يرى حسنًا ما ليس بالحسن

وقائل هذا إنما أخذه من كتاب الله تعالى وهو مذكور في عدة آيات من الكتاب ترشد إلى من لم يرد الله به خيرًا يرى أن نفس الخطأ هو عين الصواب. ثم إن هذا المعترض زعم أن ابن ثنيان يطعمهم الحرام. فالجواب أن يقال: وهذا من جهله، وقلة دينه وعقله، لأن هذا الكلام شاهد على قائله أنه لا يعرف شيئًا من الأحكام، ولا يتصور الواقع وذلك لا يخلو إما أن يكون صدر عن سوء طوية وفساد روية، أسوة أمثاله ممن لم يستضيء بنور التوحيد، الذي هدى الله إليه الكثير من أهل نجد وغيرهم أحرارهم والعبيد، أو أنه مغفل عن هذا الشأن لحال أهل المهن وأرباب الدنيا في كل زمان. فلو سألت أحدهم عن الدين الذي بعث الله به المرسلين، لما أحسن التعبير عنه ولا عرف حقيقة الإسلام بيقين، ولا ريب أن هذا قصارى حال المشار إليه لدلالة كتابه عليه. فإن هذا كلام من لا يدري ما يقول، من غير تصور ولا معقول، فلابد والحالة هذه من بيان يكشف ما قد يلتبس على بعض الجهال من ذلك الهذيان.
فأقول: من المعلوم عند الموافق والمخالف أن أئمة المسلمين الذين أقام الله بهم هذا الدين، بعد ما اشتدت غربته من بين الظلمة والمفسدين، أن الله بفضله ورحمته أقامهم بالحق المبين، فدعوا إلى التوحيد وأنكروا كل شرك وشك وتنديد، ونشروا أعلام الجهاد حتى أدخل الله بدعوتهم كل حاضر من قومهم وباد، فأخذوا تلك الأموال من أهل البغي والفساد، بسيف الحق والجهاد، فهو بحمد الله من طيب الحلال بلا تردد ولا إشكال. فقد أحل الله لرسوله  ولأمته الغنائم، وقد غنم الصحابة  أموال من ارتد من العرب، أو شك في الحق واضطرب، وكل ما لا يؤيد بالدليل، فلا التفات إليه ولا تعويل، على أن الكثير من تلك الأموال، التي أخذت على هذا الوجه الحلال، وصارت من جملة بيت المال، قد تركت في أيدي الغاصبين لها حين تبدلت الحال. فلما قام هؤلاء الولاة، واجتماع عليهم الناس في هذه الأوقات، لم يبق في أيديهم من أموال الفيء إلا القليل، لتغلب الناس عليها من ظلمة ذلك الجيل، فإن كان «ابن ثنيان» استولى عليها فقد فاته منها الكثير، وذلك أمر بين شهير، وإن كان قد أخذ غير ذلك بتأويل الجهاد، أو ممن يمنع زكاته من أهل تلك البلاد، أسوة أمثاله من الولاة المتقدمين، كالأمويين والعباسيين، وعلى هذا فدعوى أن مجموع ما أخذه كله حرام من جملة الهذيان في الكلام، فإن القول بحلها هو الصواب المقرر في كتب الأحكام، كما نص عليه الصحابة والأئمة بعدهم في جوائز السلطان، فإنها أحب إلى بعضهم من صلاة الإخوان، ولأنها حلال لآل رسول الله  دون الزكاة في المأثور والمنقول.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وامتد الضلال في الأرض لأهل الأهواء من اتخاذ دين لم يشرعه الله، أو تحريم ما لم يحرمه الله.
إذا عرف ذلك فلا يخفى حال من سلف من الولاة، المتغلبين على هذه الجهات قبل أن يظهر عليها أهل الإسلام، إنهم يقاتلون عليها بغير الحق المبين، ويأخذون الأموال ظلمًا وعدوانًا بيقين، وفي تلك المدة وقفوا الأوقات وليس بأيديهم إلا تلك الأموال، فهل يصح والحالة هذه ما كان هذا أصله من تلك الأوقاف، وكذا أموال التجار، فإنهم يعاملون فيها بالربا في جميع القرى والأمصار، ويكون لتلك الأموال والمعاوضة بها امتداد وانتشار من غير سؤال عنها ولا استفسار، ومثل هذا ما يأخذه الأعراب المعتدون من أموال الغير وبها يمتارون، فما قال هذا المجترئ على شيء من ذلك أنه حرام أو أن فيه إشكالاً في حال من الأحوال، وكذلك ما وقع في هذه الديار من المعاملات الربوية، ولا ريب أنها بلية وأي بلية.
وأمر خامس ظاهر في أناس من ظهور أمارات الخيانة عليهم ونسبتها لقوة القرينة إليهم، وكل ذلك لا عتب فيه ولا بأس وأما الثلب والسب منه والعتاب فإنما يتوجه إلى خصوص أولاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وإن لم يكن لهم مدخل في الأموال، ولا عمل لهم فيها بحال.
أعوذ برب الناس من كل طاعن

علينا بسوء أو مُلح بباطل

والعارف لا يخفى عليه موجب هذه العداوة، فإن قيل ما قولكم في حكم ما ذكرتموه من هذه الأموال، أمن الحرام هي أم من الحلال، قلنا: القول فيها يتوقف على البحث عن كل فرد منها والاستفصال، ولكن من حيث عدم العلم بأعيانها على طريق الإجمال، فالمأثور عن السلف والأئمة في جوائز السلطان، وما كان على هذا المنوال أنه من قسم الحلال إلا ما علم أنه بعينه حرام وما لا فلا يمنع من أخذه ممن أعطاه إياه، إذا كان الآخذ يستحقه.
قال الإمام أحمد رحمه الله: ليس أحد من المسلمين إلا وله في هذه الدراهم حق، وكيف أقول إنها سحت والحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وكثير من الصحابة يقبلون جوائز معاوية؟ قال: ولأن جوائز السلطان لها وجه في الإباحة والتحليل، فإن لها جهات كثيرة من الفيء والصدقة وغيرها.
قال ابن رجب انتهى من المغني. قال ابن رجب: وروي في ذلك آثار كثيرة عن السلف، وكان النبي  وأصحابه يعاملون المشركين وأهل الكتاب مع علمهم أنهم لا يجتنبون الحرام كله. وقال ابن مسعود: «الهناء لكم، والوزر عليهم» قلت: وما زال العلماء في كل عصر يقبلون جوائز الأمراء، ويأخذون حقهم من بيت المال، فلم ينكر ذلك أحد من أهل الورع ولا غيرهم من العلماء، إذا عرف ذلك فهنا أمر ينبغي الإشارة إليه، وهو أن يقال: ما حكم هذه الأموال لما كانت بأيدي أناس تغلبوا عليها بعد أئمة المسلمين، وجاروا على الناس وصدوهم عن الحق وأفسدوا في الأرض بالمعاصي؟ فإن علم أن ما بأيديهم هو عين ما غصبوه فالحكم فيه كالحكم في الأموال المغصوبة، وكذا ما علم أن صاحبه أخذه على وجه الخيانة، فينبغي أن يجتنب. فينظر حال هذا الرجل المعترض فإن كان متحاشيًا من أخذ هذه الأموال، ويتباعد عمن كانت في يده ولم يبق إلا أنه جهل حكم تلك الأموال، فالأمر أهون، وإن كان لا تحاشى من الحرام الذي هذا وجهه، ويحرم الحلال الذي عرف وجهه، صار محلاً لإساءة الظن به، خصوصًا إذا عرف أنه لا سبب بينه وبين أولاد الشيخ يقتضي هذه العداوة إلا الدين الذي يعرفون به ويدعون إليه، فقد كان بعض أهل نجد لما أخرج الله ضغائنهم توصلوا إلى مَسبَّة دين الله بمسبة أهله، كما فعل أشباههم من الماضين يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة: 32] ثم إن هذا المعترض قال في أولئك الذين وجه الطعن إليهم: نظروا إلى سد باب القبلة ومصر ولم ينظروا إلى أبواب السماء. يعني أنهم رضوا لمتولي أمرهم أن يداهم أهل تلك الجهات. فالجواب: أين أنت يا هذا لما كان أهل مصر ببلاد نجد، هل صحبتهم وأقمت فيهم أم فارقتهم وخالفتهم؟ فارجع العيب إلى نفسك، إن كنت إذ ذاك في عدادهم. ونقول أيضًا في الجواب: لا يخلو هذا الرجل من حالتين، إما أن يكون من أبله الناس وأشدهم غباوة وأجهلهم بالناس وأحوالهم، ولا معرفة له بالواقع أصلا، وإما أنه يتعمد الكذب ولا يبالي، ويظن أن ولي الأمر لا يعرف الحال، فلعله أن ينقدح في قلبه من ذلك شك، أو إشكال، وإلا فمن المعلوم من رأيهم لولاة الأمر ونصحهم لهم التنبيه على أن هذا الأمر لا يصلح مع حاله، وأن الموازرة لا تصل إلى هذا الحد الذي يفعلونه، وأنه كان يكفيهم ما فعلوه معهم كف أيديهم، وقد كانوا يوصون الأئمة بتقوى الله والعمل بكتابه وسنة رسوله، واتباع شرعه وتنفيذ أحكامه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك من فضل الله تعالى عليهم وعلى الناس. من ادعى ما ليس فيه كذبته شواهد الامتحان، ومن كانت هذه حالهم فلا يتعرض لسبهم وعداوتهم إلا من يكره هذه الأفعال فإن العداوة لها أسباب أعظمها اختلاف الدين، والناس إنما يتميزون بأعمالهم لا بأقوالهم، فرب ناطق بالحق وهو لا يحبه ولا يقبل أهله، بل ربما نطق بالحق وهو لا يعرف حقيقة ما يقوله، فعلى من نصح نفسه من أئمة المسلمين أن يبذلوا الجهد في إقامة الدين، ويصرفوا الهمة إلى معرفة التوحيد بالصدق واليقين، وأن يحملوا الناس على ذلك ويجاهدوهم على ما هنالك، وأن يحبوا في ربهم ويبغضوا فيه، ويُعادوا لأجله ويُوالوا فيه. وليحذروا من أمور ثلاثة توجب الذم والإثم والعقوبة:
الأول: ترك الحق بعد ظهوره وتبينه.
والثاني: التقصير في طلبه ليتبين له.
والثالث: الإعراض عن طلب معرفته لهوى أو كسلا أو نحو ذلك.
وهذه الثلاثة الأشياء هي الآفة العظمى، ومن أجلها يضيع الدين. وقد انقسم الناس في هذا الزمان إلى هذه الأقسام، وكل قسم منهم معجب بنفسه ويظن أنه في رتبة الكمال من العلم والدين. وهذا من خدع الشيطان وغروره فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد قال الله تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ [الجاثية: 18، 19].
فتأمل هذه الآية وما فيها من الامتنان والترغيب في اتباع ما جعله الله عليه مما شرعه له، وما فيها من التحذير والإنذار، فما أعظم خطر هذا، وما أحوج العبد إلى ذلك خصوصًا إن نظر العبد بعين البصيرة إلى ما انتحله أكثر الناس من الشرك بالله في عبادته، وما جروا عليه من أنواع الظلم والفساد، فما أكثر المغرورين بالجهل والأهواء وطاعة النفس والشيطان، وقد حدثت هذه الأمور في هذه الأمة في زمن من سلف من الأئمة وبينوا ذلك وأنكروا وحذروا وأنذروا، رحمة الله عليهم، كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى وعفا عنه:


ولقد رأينا من فريق يدعى الـ

إسلام شركًا ظاهر التبيان

جعلوا له شركاء والوهم وسا

ووهم به في الحب لا السلطان

والله ما ساووهم بالله بل

زادوا لهم حبا بلا كتمان

وكل من تدبر القرآن وفهم أدلة التوحيد وعرف حقيقة الشرك الذي بعث الله الرسل بإزالته والنهي عنه، وألهمه الله رشده، علم يقينًا أنه هو الذي عليه أكثر الجهال من هذه الأمة، حيث جعلوا أرباب القبور من الأموات محطًا لرحالهم في طلب الحاجات وتفريج الكريات، وتألفهم قلوبهم بالخشية والإجلال والتعظيم، والالتجاء إليهم والتوكل عليهم، وغير ذلك من العبادة التي لا تصلح إلا لفاطر الأرض والسموات، كما قال تعالى: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر: 2، 3]. ثم بين ضد ذلك وهو ما عليه أهل الإشراك فقال: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر: 3] إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر: 3].
فأقام الحجة على هذه الأمة، وبين دينه الذي رضيه لنفسه ورضيه لعباده، وبين الدين الذي انتحله المشركون وأخبر عن ضلالهم وسوء مآلهم وأبان أنهم ما أرادوا مما عبدوا إلا القربة والشفاعة، وبين أنواع العبادة التي صرفها المشركون لآلهتهم وأخبر أن ذلك لا ينبغي إلا للواحد القهار، فأقام الحجة على عبادة وقطع بهذا البيان كل حجة واعتذار، وأعذر إليهم على لسان البشير النذير : لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [النجم: 31]، قال الله تعالى: الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت: 1-3] إلى قوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ [العنكبوت: 10] إلى قوله: وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ [العنكبوت: 11].
وقال تعالى: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [آل عمران: 179].
وقال تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [التوبة: 16].
وقد بلى الله أخبار الناس بما جرى في هذه الأعوام، وميز بها من قاتل أهل الإسلام وسبهم ممن ولاهم وأحبهم، والله يعلم أنا لم نرد بهذا تشيين أحد أو عداوته، ولكنا تأثمنا من كتمان العلم، ورغبنا في إرشاد العباد إلى طاعة ربهم ومعبودهم لما ابتلينا بأناس من أهل نجد يقولون على الله بلا علم، ويتكلمون في أشياء من غير دراية ولا فهم، فكان الواجب على من منحه الله علمًا أن ينشر منه ما تيسر وقت الاحتياج إليه، وخصوصًا في هذه الأزمنة لما قل العلم وكثر الجهل وغلبت الأهواء واشتغل الناس فيه بمحبة دنياهم وإيثارهم على طاعة مولاهم والعمل لأخراهم، والله تعالى هو المرجو المسئول أن يرفع عنا وعن المسلمين العقوبة، وأن يكتب لنا المثوبة بتحري رضاه، وأن يوفقنا للاستقامة على طاعته وتقواه، وأن يحقق لنا ولإخواننا ما طلبناه ورجوناه، إنه هو البر الرحيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
واعلم أن هذا الرجل وأمثاله لما امتلأت قلوبهم بالعداوة والبغضاء ظهرت على صفحات وجوههم وفلتات ألسنتهم وأتوا بكل بلية ورمية كما تقدم، طمعوا فيما هو أعظم من ذلك، وأكبر ضررً مما هنالك، فأوردوا على الجهال شبهات تحسينا لما قد فعلوه وتزيينا لسبيلهم الذي سلكوه أسوة بمن مضى من أمثالهم.
قال العماد في التفسير: قال قتادة في قول الله تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ [محمد: 24] وإذًا والله لا يجدون في القرآن زاجرًا عن معصية الله لو تدبره القوم وعقلوه، ولكنهم أخذوا بما تشابه فهلكوا عند ذلك».
والعارف إذا نظر إليها علم أنهم قد اقروا على أنفسهم وعلى الذين والوهم وزادوهم بما قدم لا يصرح به غيرهم فيهم ابتداء.
فمن ذلك قول بعضهم إن الله تعالى يقول: وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ الآية [الفتح: 25]. يشير إلى أنه معذور بإقامته مع هؤلاء كما عذر من أقام من المؤمنين بمكة مع المشركين.
فيقال له: أولاً: إن هؤلاء الذين سماهم الله مؤمنين لم يظاهروا على المؤمنين مشركًا ولا منافقًا ولا باغيًا ولا ظالمًا، ولا سبوا مؤمنًا ولا عادوه، ومنهم من قيده أهله بمكة ومنعوه من الخروج كأبي جندل بن سهيل، فإنه خرج يوم الحديبية من مكة يرسف في قيوده. فلو أن أحدًا منهم سب المسلمين أو غلبهم أو أعان عدوهم انتقض إسلامه بلا ريب، لكن الله تعالى حفظهم من هذه الأمور وعذرهم باستضعافهم وعجزهم. ولهذا ثبت في الصحيح وغيره أن رسول الله  كان يدعو لهم في الفريضة، كما أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه عن أبي هريرة ، أن رسول الله  كان إذا أراد أن يدعو على أحدٍ أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع، وربما قال إذا قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد: «اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين» قوله: «والمستضعفين من المؤمنين» هو من عطف العام على الخاص بلا ريب، ومن المحال أن يسميهم الله ورسوله مؤمنين وقد وقع منهم ما ينافي الإيمان.
قال الله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة: 22] فعلم من هذه الآية أن أولئك المستضعفين من المؤمنين لما كانوا بمكة مع قريش أنهم لم يتخذوهم أولياء من دون المؤمنين، ولم يطمعوا منهم بموادة ولا ركون وحاشهم من ذلك، كما قال تعالى: وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا [النساء: 75].
فلهذا وصفهم الله بالإيمان، وقد أخبر تعالى عن أن الإيمان ينتفي بموالاة أعدائه، كما قال: وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [المائدة: 81].
قال بعض المفسرين في الآية الأولى: الممتنع أن تجد قومًا من المؤمنين يوادون من حاد الله ورسوله، وقد تقدم ذلك في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ويقال أيضًا: إن الله تعالى بين حال الذين عذرهم عن الهجرة وميزهم بالوصف ممن لم يعذرهم، فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ [النساء: 97].
قال في شرح البخاري: والسؤال للتوبيخ، أي لم تركتم الجهاد والهجرة والنصرة؟ قالوا: كُنَّا ... قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء: 97].
وروى البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن الأسود قال: قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه، فلقيني عكرمة فأخبرته فنهاني أشد النَّهي وقال: أخبرني ابن عباس أن ناسًا من المسلمين كانوا مع المشركين يأتي السهم فيصيب أحدهم فيقتله أو يضربه فيقتله، فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا الآية [النساء: 97].
فتأمل كيف ترتب عليهم هذا الوعيد وأوجب لهم النار، وقد روى أنهم مكروهون على تكثير سواد المشركين فقط، فكيف بمن كثر سوادهم بغير إكراه وإيمان، وظاهر وقال وفعل من غير استضعاف؟ أترى بقي مع هذا شيء من الإيمان والحالة هذه؟ ثم إن الله تعالى بين في هذه الآية من حرج من هذا الوعيد بأوصاف لا تخفى على البليد، فقال: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء: 98، 99].
فذكر أنهم لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا وهم العاجزون عن الهجرة من كل وجه، وهؤلاء هم الذين دعا لهم رسول الله  في حديث أبي هريرة المتقدم، بخلاف من لم يعجز عن الهجرة بل اختارهم ورغب فيهم وسكن إليهم ووافقهم وتأيد بهم واستنصر، مثل عبد الله بن أبي سرح ومقيس بن صبابة الليثي وأمثالهم، ممن تزين له الباطل كجبلة بن الأيهم الغساني، وأمثال هؤلاء كثيرون نسأل الله الثبات على الإسلام والعفو والعافية في الدنيا والآخرة.
الأمر الثاني: استدلاهم على جواز الإقامة مع المشركين وتركهم الهجرة، بأن الصحابة هاجروا إلى الحبشة وفيها نصارى، فيقال أولاً لا يجوز عند أدنى من له معرفة أن يستدل على ترك الهجرة بأن الصحابة هاجروا، وكيف يجوز في عقل من له أدنى مسكة من عقل أن يستدل لترك شيء بأن ذلك الشيء الذي ترك قد فعله غيره، وقد عرفت أن الله امتجل ( ) على من ترك الهجرة بالوعيد الشديد وبرئ منه رسوله ، وأثنى على من هاجر ووعدهم على الهجرة بخير الدنيا والآخرة كما قال تعالى: وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [النحل: 41].
وقال: فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ [آل عمران: 195].
وأي جهل أعظم من جهل من يسوي بين حسنات المقربين والأبرار، وسيئات العصاة الأشرار! أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ [السجدة: 18].
وأيضًا فإن الصحابة  هاجروا إلى الحبشة لما لم يجدوا إذ ذاك دار إسلام، ففعلوا ما أمكنهم فعله من طاعة الله وتقواه، وأهل الحبشة وإن كانوا نصارى فهم أقرب مودة للذين آمنوا من اليهود والذين أشركوا، ثم إنه حصل بتلك الهجرة من سلامة دينهم وظهوره والدعوة إلى الله وإسلام النجاشي وبعض أساقفته وإكرامهم إياهم، وغيظ عدوهم من المشركين ومراغمتهم ما هو من مقاصد الدين، فتأمل، وهذا سياق قصة مهاجرة الحبشة. قال أبو نعيم منتقاه من سيرة ابن هشام: قال ابن إسحاق:
حدثنا محمد بن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن الحارث بن هشام، عن أم سلمة زوج النبي  قالت: لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار، النجاشي آمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذي ولا نسمع شيئًا نكرهه. فلما بلغ ذلك قريشًا ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جلدين، وأن يهبوا للنجاشي هدايا مما يستظرف من متاع مكة، وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم، فجمعوا له أدما كثيرًا، ولم يتركوا من بطارقته بطريقًا إلا أهدوا إليه هدية، ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص وأمروهما بأمرهم، وقالوا لهما: ادفعا إلى كل بطريق هدية قبل أن تكلما النجاشي فيهم، ثم قدما إلى النجاشي هداياه ثم اسألاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم.
قالت: فخرجا حتى قدما على النجاشي ونحن عنده بخير دار، عند خير جار. إلى أن قالت: وكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب، وقال له: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي الضعيف، وكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام – قالت فعدد عليه أمور الإسلام – فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا وعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك.
قالت:
- فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟
فقال جعفر: نعم.
فقال له النجاشي: اقرأ علي.
فقرأ عليه صدر آية كهيعص.
قالت: فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم.
ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا فلا والله لا أسلمكم إليكما أبدًا ولا أكاد...
ثم ساقت القصة.
قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة قالت: لما مات النجاشي كان يتحدث أنه لا يزال على قبره نور. انتهى.
وذكر ابن إسحاق في قوله عز وجل: الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ [القصص: 52] إلى قوله: وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ الآية [القصص: 54].
وقد سألت الزهري عن هذه الآيات فيمن نزلت، فقال: ما زلت أسمع من علمائنا أنهن نزلن في النجاشي وأصحابه، والآيات في سور المائدة: ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ [المائدة: 82] إلى قوله: فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [المائدة: 83].
قال ابن إسحاق: وكان جميع من لحق بأرض الحبشة وولد بها ثلاثة وثمانين رجلاً، فعبدوا الله وحمدوا جوار النجاشي، فقال عبد الله بن الحارث بن قيس السهمي:
يا راكبًا بلغا عنى مغلغلة

من كان يرجو بلاغ الله والدين

إنا وجدنا بلاد الله واسعة

تنجي من الذل والمخزاء والهون

فلا تقيموا على ذل الحياة وخزي

في الممات وعبد غير مأمون

إنا تبعنا نبي الله واطرحوا

قول النبي وغالوا في الموازين

فاجعل عذابك في القوم الذين غلوا

وعائذا إن يعلوا فيضعون

قال السهيلي رحمه الله: وفي هذا من الفقه الخروج من الوطن وإن كمان الوطن مكة على فضلها، إذا كان الخروج فرارًا بالدين. فإن الحبشة كانوا نصارى وسمي الصحابة بهذه الهجرة مهاجرين، وهم أصحاب الهجرتين الذين أثنى الله عليهم بالسبق فقال: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ [التوبة: 100].
وجاء في التفسير أنهم الذين صلوا القبلتين وهاجروا الهجرتين، فانظر كيف أثنى الله عليهم بهذه الهجرة لما كان فعلهم ذلك احتياطًا على دينهم، وأن يخلي بينهم وبين عبادة ربهم آمنين مطمئنين.
وهذا حكم مستمر، متى غلب المشركون على بلد وأوذي على الحق مؤمن، ورأى الباطل ظاهرًا قاهرًا للحق، ورجا أن يكون في بلد آخر، أي بلد كان يبين فيه دينه، ويظهر فيه عبادة ربه، فإن الخروج على هذا الوجه حتم على المؤمن وهذه الهجرة لا تنقطع إلى يوم القيامة. انتهى ملخصًا.
وكل من له أدنى معرفة ألا يفهم من هذه القصة إلا أنها حجة عظيمة على من ترك الهجرة الواجبة من وجوه لا تخفى على البليد، اللهم إلا من ابتلي بسوء الفهم وفساد التصور وكابر العقل والشرع فلا حيلة فيه، يا ربنا نسألك الثبات على الإسلام.
وأورد أيضًا حديث: «أنا بريء من مسلم بين أظهر المشركين».
لمقامه فيهم، والحجة منه أنه سماه مسلمًا، فيفيد أن إقامته بين أظهر المشركين لا تخرجه عن الإسلام، فالجواب أن براءة النبي  ممن جلس بين ظهرانيهم إنما كان عقوبة له على مجرد الإقامة بين أظهرهم، وأما إيواؤهم ونقض العهد لهم، ومظاهرتهم ومعاونتهم والاستبشار بنصرهم، وموالاة وليهم ومعاداة عدوهم من أهل الإسلام، فكل هذه الأمور زائدة على الإقامة بين أظهرهم، وكل عمل من هذه الأعمال قد توعد الله عليه بالعذاب والخلود فيه، وسلب الإيمان وحلول السخط به، وغير ذلك مما هو مضمون الآيات المحكمات التي تقدمت.
وكل ذنب من هذه الذنوب له عقوبة تخصه، وكلما ازداد منه زاد الله له في العقوبة، فإن من لم يؤمن بتلك الآيات المحكمات ويعتدي بصدور تلك الأعمال منه، فما أشبه حاله بحال من قال الله فيهم: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ [البقرة: 85، 85].
واعلم أن هؤلاء المشركين لم يرضوا من هذا وأمثاله بمجرد الموالاة والنصرة، دون عبادتهم وتسويتهم لهم بالله في التعظيم والإجلال والتودد إليهم، فمن ذلك الانحناء لهم، والإشارة باليد إلى أشرف أعضاء السجود وهو الجبهة والأنف، وكل ذلك من خصائص الإلهية وذلك أمر لا محيد لهم عنه، كما قال تعالى عن أهل الكهف: إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا [الكهف: 20] ولهذا لم يجدوا من مفارقتهم بدًا حتى ذهبوا إلى غار في رأس جبل خوفًا من ذهاب دينهم، فآثروا الله على ما سواه، قال شيخنا في هذه القصة فيه اعتزال أهل الشرك واعتزال معبوداتهم وقوله: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ [الكهف: 16] فيه شدة صلابتهم في دينهم حيث عزموا على ترك الرياسة الكبرى والنعمة العظيمة واستبدلوا بها كهفًا في رأي جبل، قلت: ومثل ذلك ما ذكره الله عن سحرة فرعون لما استنارت قلوبهم بالإيمان قالوا لفرعون لعنة الله: لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [طه: 72].
واعلم أن حقيقة هؤلاء المشبهة أن الله تعالى أمرهم بقتال المشركين فقاتلوا معهم، وأمرهم بالبعد عنهم فآووهم وقربوا منهم، وأمرهم بمعاداتهم فوالوهم، وأمرهم ببغضهم فوادوهم، وأمرهم بأن ينصروا أهل الإسلام فنصروا الكفرة عليهم، ونهوا عن مداهنتهم فداهنوهم، ونهاهم عن كتمان ما أنزل الله في هذا وغيره فكتموا وشبهوا كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة: 174].
وقال: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ [البقرة: 140].
وقال: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى الآية [البقرة: 159].
فجمعوا بين الكتمان والرد على من بين ولم يكتم والتشبيه والمجادلة بالباطل، فتركوا ما أوجبه الله عليهم وارتكبوا ما حرم عليهم، وهذا ظاهر جدًا لا يرتاب فيه من له أدنى معرفة بالناس وما وقع منهم فلا يأمنهم ويقربهم بعد هذه العظائم إلا من سفه نفسه. ولهم شبهة أخرى، وهي أن أبا بكر استأجر عبد الله بن أريقط في طريق الهجرة إلى المدينة وكان هاديا خريتا ( ) يدلهم على الطريق، فأحسن رسول الله  صحبته. فتكون صحبته للعسكر، وإعانتهم على المسلمين ونصرتهم لا بأس بها. فيقال أولا قد ذكرت في الشبهة التي قبل هذه أن رسول الله  قال: «أنا بريء من مسلم بين أظهر المشركين» وهذا يناقض ما استدللت به هنا، حاشا رسول الله  أن يبرأ من صاحب عمل وهو يفعله، ومثل هذا قوله: «من جامع المشرك أو سكن معه فهو مثله»، والآيات المحكمات صريحة في التحذير من موالاتهم ناطقة بالوعيد الشديد على موادتهم ونصرتهم.
إذا عرف هذا فالفرق بين الدليل والمدعي أبعد مما بين المشرق والمغرب، وذلك أن ابن أريقط أعان رسول الله  على أبر البر بعد الإسلام، وأفرض الفرائض بعد الإيمان، وسعى لرسول الله  في مصالحة التي يتوصل بها إلى رضا مولاه، ومراغمة أعدائه ولا ريب أن هذا لو صدر من ابن أريقط بنية كان من أفضل الأعمال، فإذا أسلم كتب له ذلك من أفضل حسناته على حديث حكيم: «أسلمت على ما أسلفت من خير» يخالف من أوى المشركين ورضي بهم بدلاً من المسلمين وأعانهم واستنصر لهم، وفرح بنصرهم وظهورهم ودعا الناس إلى متابعتهم. فالفرق بين الفعلين كالفرق بين فعل أبي طالب من النصرة والحياطة والحماية، وفعل أبي جهل وأمثاله من أعظم الكفر الموصل إلى الدركات في العذاب، وحلول المثلاث. فأين من أعان الباطل وواد أهله ونصرهم وظاهرهم، ممن أعان المسلمين وسعى في مصالحهم وراغم عدوهم؟
سارت مشرقة وسرت مغرباً

شتان بين مشرق ومغرب

فابن أريقط فعل كما فعل سراقة بن مالك، فقد فعل من النصيحة في حال كفره ما يحمد به باطنًا وظاهرًا، بخلاف من والى المشركين ونصح لهم وعادى المسلمين وولب عليهم. فإنه قد وقع في الوعيد والسخط والمقت وفساد الدين ومفارقة المؤمنين، والله أعلم بما يؤول إليه حال أعيان أولئك، لكنه يخشى عليهم أن يصيبهم مثل ما قص الله في شأن بلعام وأهل مسجد الضرار فقد كانوا قبل ذلك في عداد الأنصار، فيا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على الإيمان، ولا ريب أن عدول هذا المستدل عن الآيات المحكمات وصحيح الأخبار، ترك للمحكم واتباع للمتشابه كما قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ الآية [آل عمران: 7].
وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم».
وحاصل ما قدمناه من الجواب عما أورده المشبه هنا يتضمن خمسة أوجه:
الأول: أن ابن أريقط أجير. ومن شأن الأجير أن يخدم المستأجر؛ لأنه ملك منافعه بعقد الإجارة، والأجير تحت المستأجر.
الوجه الثاني: أن ذلك الرجل مستأجر في مصلحة دينية هي من أكبر مصالح الدين، فإعانته المسلم وقت الحاجة إليه لا محذور فيها لكونها مصلحة محض، فكيف يجوز أن يستدل بذلك على ما هو أعظم المفاسد في الدين من موالاة المشركين وإعانتهم على باطلهم والصد عن سبيل الله؟
شتان بين الحالتين فإن ترد

جمعًا فما الضدان يجتمعان

الوجه الثالث: أن استئجار الكافر للمصلحة نظير استرقاق الكافر، وذلك جائز بخلاف العكس فإنه لا يجوز، لأن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه.
وهذا المشبه كأمثاله صاروا لأهل الباطل كالمماليك في طاعتهم ومتابعتهم وإعانتهم اختيارًا منهم لا اضطرارا.
الوجه الرابع: أن ما فعله ابن أريقط لا يعاب عليه عقلاً وشرعًا، بل قد يثاب عليه في حال كفره بالدين إن لم يكن أسلم، ولعله والله أعلم صار سببًا لإسلامه لقربه من الإسلام بإعانته أهله على طاعته ربهم، فإنه يتروح لذلك بقول الجن في شعرهم:
هما نزلاها بالهدى فاهتدت به

فقد فاز من أمسى رفيق محمد

وهذا بخلاف من أعان على معصية الله والصد عن سبيله، فأين من كان من أهل الحق ممن كان مع عدوهم؟ وهل سمعت بتفاوت أعظم من هذا التفاوت؟
والله ما استويا ولن يتلاقيا

حتى تشيب مفارقة الغربان

الوجه الخامس: أن ما فعله ابن أريقط يغيظ كفار قريش وإغاظة الكفار يحبها الله، بخلاف من يفعل معهم ما يسرهم ويغيظ عدوهم من المؤمنين، فأين هذا من هذا لو كانوا يعلمون؟ والبصير يعلم أن هذا التشبيه من هؤلاء على العوام، صد لهم على سبيل الله، وإنه من آثار عقوبات تلك الأعمال.
اللهم إنا نعوذ بك أن نفتن عن ديننا أو نرد على أعقابنا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليمًا كثيرًا. وهذا آخر ما تيسر جمعه، والله أسأل أن يعم نفعه.
أملاه الفقير إلى الله عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أجزل الله لهم الصواب.
وكتبه الفقير إلى الله تعالى حمد بن عتيق.
تمت كتابته يوم الخميس أول يوم من جمادى الأولى سنة واحد وستين ومائتين وألف.



ghjt,j;l i`i hgvshgm : hgl,v] hgu`f hg.ghg td krq afi Hig hgqghg

__________________
حديث عن الصدق

عَن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي اللَّه عنه عن النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ الصَّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ ،وَإِنَّ الرَّجُلَ ليصْدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً ،وإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفجُورِ وَإِنَّ الفجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ،وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً » متفقٌ عليه .

التعديل الأخير تم بواسطة : ساير بن فاضي الغنامي بتاريخ 12-27-2015 الساعة 10:56 AM
ساير بن فاضي الغنامي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-27-2015, 12:04 PM
  #2
الشاعر سلطان براك الغنامي
شاعر متميز
 الصورة الرمزية الشاعر سلطان براك الغنامي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: السعودية : المنطقة الشرقية .
المشاركات: 5,715
معدل تقييم المستوى: 19
الشاعر سلطان براك الغنامي is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خير شيخ ساير
__________________
من صد عني عنه يا عبيد صديت ...

ومن لا اعتبرني فالعرب مااعتبرته
الشاعر سلطان براك الغنامي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-27-2015, 12:07 PM
  #3
حكيم الراي
كاتب متميز
 الصورة الرمزية حكيم الراي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 379
معدل تقييم المستوى: 14
حكيم الراي is on a distinguished road
افتراضي

الله يبارك فيك ولكن الموضوع طويل علي انا وامثالي
__________________
"ياوجد حالي على الملفى ... لو هي عجوزٍ وجنيه
وروكـــها كنــها الشـــلفى ... وعيـــونها طــيرٍ فيــه
حكيم الراي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-27-2015, 01:08 PM
  #4
ساير بن فاضي الغنامي
 الصورة الرمزية ساير بن فاضي الغنامي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 208
معدل تقييم المستوى: 16
ساير بن فاضي الغنامي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشاعر سلطان براك الغنامي مشاهدة المشاركة
جزاك الله خير شيخ ساير
وانت بارك الله فيك وجزاك خيرا ومشكور ع المرور والدعاء
__________________
حديث عن الصدق

عَن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي اللَّه عنه عن النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ الصَّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ ،وَإِنَّ الرَّجُلَ ليصْدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً ،وإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفجُورِ وَإِنَّ الفجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ،وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً » متفقٌ عليه .
ساير بن فاضي الغنامي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-27-2015, 01:15 PM
  #5
ساير بن فاضي الغنامي
 الصورة الرمزية ساير بن فاضي الغنامي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 208
معدل تقييم المستوى: 16
ساير بن فاضي الغنامي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حكيم الراي مشاهدة المشاركة
الله يبارك فيك ولكن الموضوع طويل علي انا وامثالي
الله يبارك فيك صحيح الموضوع طويل لكن فيه درر وفؤايد
ويمكن يقراء على مراحل والشاي بالجنزبيل جنبك
ومتدفي بالفروة والشبة وعلوم التوحيد والسنة
ولا هو خسارة الوقت في العلم النافع
ومشكور ياحكيم الراي ع المرور والتعليق
__________________
حديث عن الصدق

عَن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي اللَّه عنه عن النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ الصَّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ ،وَإِنَّ الرَّجُلَ ليصْدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً ،وإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفجُورِ وَإِنَّ الفجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ،وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً » متفقٌ عليه .
ساير بن فاضي الغنامي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-27-2015, 03:18 PM
  #6
غنام الغنام الروقي
كاتب متألق
 الصورة الرمزية غنام الغنام الروقي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 1,006
معدل تقييم المستوى: 12
غنام الغنام الروقي is on a distinguished road
افتراضي

ابو محمد جزاك الله خير اهل الضلال والبدع والمنافقين والرويبضه من زمان والى الان وتعلم ياسعادة الدكتور ان شعب المملكه العربيه السعوديه ان عمره يقارب الميه عام وانه تفوق على اغلب البلدان الاخرى في عدة مجالات علمنا انك عشت مرحلتين المرحله الاولى اسود وابيض لم يوجد كهربا ولاماء الا القليل والمرحله الثانيه تطور علمي كبير ودخلو اهل الضلال من البلدان الاسلاميه وغيرها فماكان يعرف لا قاعده ولا دواعش ولا رافضه ولانصب ولا احتيال ولا مخدرات ولا جرايم ولا احزاب وجماعات متطرفه الى انها اتت منقوله من الخارج وبدى انقراضهم قريبا ان شالله
__________________
اللي مسوي في زمانه زعامه خبلن لياجات الصمايل ولاشي
ليا جلس وسط المجالس كلامه تقول ابن عنتر وابن حاتم الطي

التعديل الأخير تم بواسطة : غنام الغنام الروقي بتاريخ 12-27-2015 الساعة 04:22 PM
غنام الغنام الروقي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-28-2015, 02:58 PM
  #7
ساير بن فاضي الغنامي
 الصورة الرمزية ساير بن فاضي الغنامي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 208
معدل تقييم المستوى: 16
ساير بن فاضي الغنامي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غنام الغنام الروقي مشاهدة المشاركة
ابو محمد جزاك الله خير اهل الضلال والبدع والمنافقين والرويبضه من زمان والى الان وتعلم ياسعادة الدكتور ان شعب المملكه العربيه السعوديه ان عمره يقارب الميه عام وانه تفوق على اغلب البلدان الاخرى في عدة مجالات علمنا انك عشت مرحلتين المرحله الاولى اسود وابيض لم يوجد كهربا ولاماء الا القليل والمرحله الثانيه تطور علمي كبير ودخلو اهل الضلال من البلدان الاسلاميه وغيرها فماكان يعرف لا قاعده ولا دواعش ولا رافضه ولانصب ولا احتيال ولا مخدرات ولا جرايم ولا احزاب وجماعات متطرفه الى انها اتت منقوله من الخارج وبدى انقراضهم قريبا ان شالله
صادق يابو صالح ان شاء ينقرضون وينصر الله دينه ويعلي كلمته ولو كره الكافرون ولو كره المشركون
وهذه رسالة عظيمة القدر كتبها الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد في ضروف وهذا الشيخ جده المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله وكتبت في ضروف مثل وضعنا الان خوارج ومرجئة وروافض وبعدها أعز الله الدين بالملك عبد العزيز ورجع الامر الى الافضل ومازال ولله الحمد وهذه الفرق مثل البراكين تتحرك ثم تخمد بإذن الله وإن شاء الله تخمد هذه الفرق والجماعات ونعود لتوحيد الكلمة والهدف والغاية على كتاب وسنة واتباع
ومشكور على التعليق الطيب والامل المشرق وجزاك الله خيرا
__________________
حديث عن الصدق

عَن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي اللَّه عنه عن النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ الصَّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ ،وَإِنَّ الرَّجُلَ ليصْدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً ،وإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفجُورِ وَإِنَّ الفجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ،وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً » متفقٌ عليه .
ساير بن فاضي الغنامي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-28-2015, 03:05 PM
  #8
ناصر
 الصورة الرمزية ناصر
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 321
معدل تقييم المستوى: 13
ناصر is on a distinguished road
افتراضي

موضوع جميل بارك الله فيك شيخ ساير
__________________

منتديات قبيلة الغنانيم

ناصر غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-28-2015, 04:12 PM
  #9
ساير بن فاضي الغنامي
 الصورة الرمزية ساير بن فاضي الغنامي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 208
معدل تقييم المستوى: 16
ساير بن فاضي الغنامي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر مشاهدة المشاركة
موضوع جميل بارك الله فيك شيخ ساير
بارك الله فيك ونفع به الجميع ومشكور على التعليق
__________________
حديث عن الصدق

عَن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي اللَّه عنه عن النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ الصَّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ ،وَإِنَّ الرَّجُلَ ليصْدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً ،وإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفجُورِ وَإِنَّ الفجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ،وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً » متفقٌ عليه .
ساير بن فاضي الغنامي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
رد

مواقع النشر

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصه عيسى عليه السلام غيوم نجد القسم العام 2 03-11-2013 06:41 PM
قصة موسى عليه السلام حداق الغنامي المنتدى الإسلامي 4 11-30-2012 03:44 PM
باسمي وباسم اعضاء منتدى الغنانيم نرحب بجورج الغنامي ذياب بن غانم الــصــيـوان واستراحة الأعضاء. 12 12-24-2010 03:26 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

+4. الساعة الآن 08:45 AM.


جميع المواضيع و الردود لا تمثل وجهة نظر ورأي إدارة المنتدى و إنما تمثل رأي كاتبها فقط
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات شبكة قبيلة الغنانيم الرسمية - 2021
2 3 9 11 15 16 19 20 21 25 26 27 30 31 32 37 38 39 41 42 43 46 49 53 54 55 58 59 60 66 69 70